أهل السنة و الجماعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أهل السنة و الجماعة

(قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )سورة يوسف
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحقوق الشرعية لولاة أمور المسلمين من رب البرية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو أنس السني




المساهمات : 102
تاريخ التسجيل : 02/03/2010

الحقوق الشرعية  لولاة أمور المسلمين  من رب البرية Empty
مُساهمةموضوع: الحقوق الشرعية لولاة أمور المسلمين من رب البرية   الحقوق الشرعية  لولاة أمور المسلمين  من رب البرية I_icon_minitimeالأربعاء مارس 03, 2010 3:20 am

الحقوق الشرعية
لولاة أمور المسلمين
من رب البرية




إعداد
عبدالعزيز بن ريس الريس
المشرف على موقع الإسلام العتيق
www.islamancient.net


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ،،،
فإن المسلم الصادق حقاً المبتغي النجاة صدقاً ، لا يسعه إذا بلغه حكم الله إلا ويقبله بلا اعتراض علم الحكمة أو لم يعلم ، قال تعالى ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) وقال ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
ومما جاء من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقوق لازمة علينا – نحن الرعية – تجاه حكامنا سواء كان الحكام ظالمين مقصرين أو غير ظالمين ، فإن علينا ما حملنا وعليهم ما حملوا ، وعجباً لأناس حريصين على التدين والاستنان بالسنن النبوية – وهذا خير يحمدون عليه - ، لكنهم في الوقت نفسه لا يقومون بحقوق ولاة أمرهم التي أمر الله .
وكثيراً ما يخرج الشيطان القدح في ولاة الأمور في صورة الصلابة والقوة في التدين ، بل وجعلها سبيلاً لاستمالة قلوب الناس . روى ابن جرير الطبري عن عبدالله بن سبأ أنه كان يقول: ابدؤوا في الطعن على أمرائكم ، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ تستميلوا الناس ، وادعوهم إلى هذا الأمر. ( تاريخ الرسل لابن جرير الطبري (4/ 340))





وإليك شيئاً من حقوقهم التي جاء بها الشرع المطهر :

1-اعتقاد البيعة لهم في أعناقنا كما روى الإمام مسلم عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من مات ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)) ونحوه في الصحيحين عن ابن عباس .

2-عدم الخروج على الولاة وإن فسقوا وجاروا: أخرج مسلم عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له)).
قال ابن كثير في البداية والنهاية: ولما خرج أهل المدينة عن طاعته – أي: يزيد – وولوا عليهم ابن مطيع وابن حنظلة، لم يذكروا عنه – وهم أشد الناس عداوة له – إلا ما ذكروه عنه من شرب الخمر، وإتيانه بعض القاذورات… بل قد كان فاسقاً، والفاسق لا يجوز خلعه، لأجل ما يثور بسبب ذلك من الفتنة ووقوع الهرج – كما وقع في زمن الحرة - . وقد كان عبدالله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد، ولا بايع أحداً بعد بيعته ليزيد، كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل ابن علية: حدثني صخر بن جويرية عن نافع قال: لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال: أما بعد فإننا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال:" هذا غدرة فلان )).
وإن من أعظم الغدر – إلا أن يكون الإشراك بالله- أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله وبيع رسوله، ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يزيد، ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون الفيصل بيني وبينه . وقد رواه مسلم والترمذي من حديث صخر بن جويرية وقال الترمذي : حسن صحيح ا.هـ

والنصوص في تحريم الخروج متواترة من الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، وإليك طرفاً منها مختصراً :
أ / كل نص يدل على السمع والطاعة لولاة الأمر كقوله ) أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ( يدل على حرمة الخروج ، ومن ذلك ما روى مسلم عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( اسمع وأطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ))
وما روى مسلم – أيضاً – عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ))
وأخرج الآجري بإسناد صحيح عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر بن الخطاب: لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبداً حبشياً، وإن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك فقل: سمعاً وطاعة دمي دون ديني . وفي رواية أخرى: وإن ظلمك فاصبر .
فهذا إمام ظالم يأخذ الأموال ويضرب ويدعو لما فيه منقصة الدين، ومع ذلك أمرنا بالصبر والسمع والطاعة له في غير ما حرم الله . كما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة )).
ب / عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنّ يداً من طاعة)) رواه مسلم.
وهذا نص صريح في تحريم الخروج على الحاكم الفاسق لأنه أمرنا بكره المعصية وعدم نزع اليد من طاعة الله .
ج/ وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن سلمة بن يزيد الجعفي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فماذا تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله، فأعرض عنه ثم سأله، فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ماحملتم ))
وهذا نص صريح في السمع والطاعة للحاكم الذي يمنع حقوق الناس المالية وغيرها من أمور الدنيا، وصريح – أيضاً – في عدم الخروج عليه لأن عليه ما حمل وعليكم ما حملتم . وقد انعقد إجماع السلف على عدم الخروج على السلطان واستقر مذهبهم على هذا ودونكم كتب عقائد أهل السنة فانظروها تجدوا التأكيد على هذا الأمر.
قال ابن تيمية في منهاج السنة (3/391) : ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم – ثم قال – ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته ا.هـ
قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : وقولهم ( كان يرى السيف ) يعني كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور، وهذا مذهب للسلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه في وقت الحرة، ووقعة ابن الأشعث وغيرهما ، عظة لمن تدبر ا.هـ
وقد حكى النووي والقاضي عياض وغيرهما الإجماع على حرمة الخروج على الحاكم الفاسق – كما تقدم - .

3- أن أمر الجهاد مناط بولاة الأمر لا بغيرهم، فلا يشرع الجهاد إلا بإذنهم، ويدل لذلك ما يلي:
أ – ما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله  قال(( إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه))
فهذا خبر بمعنى الأمر وهو نص في المسألة .
قال النووي شرح مسلم (12/ 230): (( الإمام جنة)) أي كالستر؛ لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام، ويتقيه الناس، ويخافون سطوته، ومعنى يقاتل من ورائه: أي يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد والظلم ا.هـ
وقال ابن حجر فتح الباري (6/ 136): لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويكف أذى بعضهم عن بعض، والمراد بالإمام كل قائم بأمور الناس ا.هـ.
ب- ما روى الشيخان أن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – قال: قلت: يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال(( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )) فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام ، قالSad( فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك))
وجه الدلالة/ أنه مأمور بالتزام جماعة المسلمين وإمامهم وألا يفارقهم.
فإن قيل: الذي يذهب – الآن – إلى الجهاد هو ينتقل من جماعة مسلمين وإمامهم إلى جماعة مسلمين آخرين وإمامهم، فهو إذاً ملازم لجماعة المسلمين وإمامهم.
قيل: هذا لا يجوز وهو عين الغدر الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان)) وقد استدل به ابن عمر على حرمة خلع البيعة من يزيد إلى ابن مطيع وابن حنظلة – كما مر آنفاً - .
ومن الأدلة – أيضاً – على حرمة مثل هذا ما خرجه مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(( من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له )).
جـ - ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فهذه القاعدة دليل على تعليق أمر الجهاد بولي الأمر وإلا لصار الأمر فوضى ، ولتنازع الناس فيما بينهم ، بل لعل بعضهم يقتل بعضاً، فهذا لا يرى الجهاد مناسباً، والآخر يقاتله لتصوره أنه ينكر شرعيته، وآخرون يقاتلون طائفة مسلمة ابتداء لظنهم كفرهم وهكذا ...
هذا كله فيما إذا لم يمنع ولي الأمر أما إذا رأى ولي الأمر المنع من الجهاد لمصلحة ظهرت له، فالدليل على عدم جواز الجهاد حين ذلك هو كل دليل يدل على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر في غير ما حرم الله.

4- جمع الناس عليهم وإبراز محاسنهم وعدم سبهم بما فيهم فضلاً عما ليس فيهم وما لم يتثبت عنهم، ويدل على هذا ما يلي:
أ – كل دليل دال على السمع والطاعة لهم وذلك لأنهم يأمرون بجمع الناس عليهم وعدم سبهم.
ب- كل دليل دال على حرمة الخروج ؛ لأن سبهم يؤدي إلى الخروج عليهم فإن كل خروج فعلي مسبوق بخروج قولي.
جـ- أخرج الترمذي عن زياد بن كسيب العدوي قال: كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر – وهو يخطب وعليه ثياب رقاق- فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق، فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(( من أهان السلطان في الأرض أهانه الله)) ا.هـ حسنه الإمام الألباني.
وقال صالح بن عبدالعزيز العثيمين في مقاصد الإسلام ص393: فإذا كان الكلام في الملك بغيبة أو نصحه جهراً والتشهير به من إهانته التي توعد الله فاعلها بإهانته، فلا شك أنه يجب مراعاة ما ذكرناه لمن استطاع نصيحتهم من العلماء الذين يغشونهم ويخالطونهم، وينتفعون بنصيحتهم دون غيرهم – إلى أن قال – فإن مخالفة السلطان فيما ليس من ضروريات الدين علناً، وإنكار ذلك عليه في المحافل والمساجد والصحف ومواضع الوعظ وغير ذلك، ليس من باب النصيحة في شيء، فلا تغتر بمن يفعل ذلك، وإن كان عن حسن نية، فإنه خلاف ما عليه السلف الصالح المقتدى بهم والله يتولى هداك ا.هـ

وإليك بعض كلمات السلف والعلماء على ما نحن بصدده:
أخرج البخاري ومسلم عن أبي وائل قال قيل لأسامة بن زيد: لو أتيت عثمان فكلمته، قال: إنكم لتـُرَوْنَ أني لا أكلمه إلا أسمعكم، إني أكلمه في السر، دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه.
وأخرج ابن أبي شيبة وغيره عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: آمر إمامي بالمعروف ؟ قال ابن عباس: إن خشيت أن يقتلك فلا، فإن كنت فاعلاً ففيما بينك وبينه ، ولا تغتب إمامك . وهذا الأثر الثابت عن ابن عباس صريح في كيفية نصح الولاة وعدم غيبتهم .
وثبت عن حكيم بن حزام -فيما أخرج ابن أبي شيبة وغيره – أنه قال: لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان . فيقال له : يا أبا معبد أو أعنت على دمه ؟ فيقول : إني أعد ذكر مساويه عوناً على دمه .
وأخرج ابن عبدالبر في التمهيد عن أبي إسحاق السبيعي أنه قال: ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره.
وثبت فيما أخرج ابن زنجويه عن أبي مجلز أنه قال: سب الإمام الحالقة، لا أقول: حالقة الشعر ولكن حالقة الدين.
وأخرج ابن عساكر عن ابن المبارك أنه قال: من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته .
قال ابن جماعة عاداً حقوق ولاة الأمر في تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام ص 64: رد القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه؛ لما في ذلك من مصالح الأمة، وانتظام أمور الملة. والذب عنه بالقول والفعل، وبالمال والنفس والأهل في الظاهر والباطن، والسر والعلانية ا.هـ

5- النصح لهم والتعاون معهم على الخير:
إن نصيحة الناس عامة دين يحبه الله فكيف بأئمة المسلمين كما جاء ذلك في حديث (( الدين النصيحة )) ، لكن نصيحة الولاة مغايرة لنصيحة غيرهم للمنزلة التي جعلها الله لهم، وقد تقدم - قريباً – قول ابن عباس لسعيد بن جبير: فإن كنت فاعلاً ففيما بينك وبينه ولا تغتب إمامك .
وإليك كلاماً مفيداً لمجموعة من أئمة الدعوة منهم الشيخ محمد بن إبراهيم وسعد بن عتيق – رحمهم الله رحمة واسعة – قالوا في الدرر السنية ط5 (9/119) : وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر، والخروج من الإسلام، فالواجب فيها: مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد، وهذا غلط فاحش، وجهل ظاهر، لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا، كما يعرف ذلك من نور الله قلبه، وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين ا.هـ
وقال الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – كلاماً نافعاً - لخص فيه منهج الكتاب والسنة وسلف الأمة في نصيحة السلطان، قال – رحمه الله – ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الفوضى، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع. ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير. وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل، فينكر الزنى، وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها، لا حاكم ولا غير حاكم. ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان قال بعض الناس لأسامة بن زيد – رضي الله عنه – ألا تنكر على عثمان؟ قال: أأنكر عليه عند الناس؟ لكن أنكر عليه بيني وبينه، ولا أفتح باب شر على الناس. ولما فتحوا الشر في زمن عثمان – رضي الله عنه -، وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي بأسباب ذلك، وقتل جم كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً، حتى أبغض الناس وليّ أمرهم، وحتى قتلوه. نسأل الله العافية ا.هـ (من فتوى للشيخ مطبوعة في رسالة علاقة الحاكم بالمحكوم )
وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان، وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس، وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور، فهذا عين المفسدة، وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس. كما أن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى. وكذا ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها. فإذا حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر: ضاع الشرع والأمن. لأن الناس إن تكلم العلماء لم يثقوا بكلامهم، وإن تكلم الأمراء تمردوا على كلامهم فحصل الشر والفساد. فالواجب أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه ذوي السلطان، وأن يضبط الإنسان نفسه وأن يعرف العواقب. وليعلم أن من يثور إنما يخدم أعداء الإسلام، فليست العبرة بالثورة ولا بالانفعال، بل العبرة بالحكمة …ا.هـ (كتاب حقوق الراعي والرعية)
وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – في الدرر السنية ط5 (9/121): والجامع لهذا كله: أنه إذا صدر المنكر من أمير أو غيره أن ينصح برفق خفية ما يشترف أحد، فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلاً يقبل منه بخفية، فإن لم يفعل فيمكن الإنكار ظاهراً، إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق، واستلحق عليه ولا وافق، فيرفع الأمر إلينا خفية ا.هـ

6-الدعاء لهم بالخير والتوفيق /
لما كان ذكر مساوئهم من غيبتهم – كما تقدم – والخروج عليهم مما لا يحبه الله، وكان جمع الناس عليهم وإبراز محاسنهم مما يحبه الله كان الدعاء لهم بالصلاح والتوفيق منهجاً لأهل السنة؛ لأن في صلاحهم عز الإسلام والمسلمين . وقد بين علماء السنة أن من معتقدهم ومنهجهم الدعاء للسلطان، فمن أراد النجاة فليسلك سبيلهم فلا طريق موصل إلى الله إلا سبيلهم، قال أبو عثمان الصابوني: ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، وبسط العدل في الرعية .
وقال الإمام البربهاري في شرح السنة: فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن ظلموا وجاروا؛ لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين ا.هـ
وقال أبو بكر الإسماعيلي في كتابه اعتقاد أهل السنة: ويرون الدعاء لهم بالصلاح والعطف إلى العدل ا.هـ
وروى أبو نعيم بإسناد صحيح عن الفضيل بن عياض أنه قال: لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام. قيل: وكيف ذلك يا أبا علي ؟ قال: متى صيرتها في نفسي لم تجزني، ومتى صيرتها في الإمام – يعني: عمّت -، فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد … فقبل ابن المبارك جبهته وقال: يا معلم الخير! من يحسن هذا غيرك ؟ ا.هـ
وأخرج الخلال في كتاب السنة بإسناد صحيح عن الإمام أحمد أنه قال: وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار والتأييد، وأرى ذلك واجباً عليّ ا.هـ
وقال الطحاوي في عقيدته : ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ا.هـ
فإن قيل: إنه لا يصح اعتقاد البيعة في أعناقنا ؛ لأن هؤلاء الحكام الموجودين أخذوا الحكم غلبة وقوة لا اختياراً، فليست كل شروط الإمامة متوافرة فيهم ومنها شرط تواترت السنة بذكره وأجمع عليه أهل العلم، وهو كون الإمام (ولي الأمر) قرشياً .
فيقال: إن من أخذ الحكم غلبة استقر الحكم له وصار أميراً وحاكماً يسمع له ويطاع ، ويدعى له بالخير من غير نظر لأي شرط مادام مسلماً، وعلى هذا أجمع أهل العلم.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/ 7): وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه، لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ا.هـ
وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- في الدرر السنية في الأجوبة النجدية (7/239): الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء ا.هـ
وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ – رحم الله الجميع – في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (3/168): وأهل العلم … متفقون على طاعة من تغلب عليهم في المعروف يرون نفوذ أحكامه، وصحة إمامته، لا يختلف في ذلك اثنان، ويرون المنع من الخروج عليهم بالسيف وتفريق الأمة ، وإن كان الأئمة فسقة ما لم يروا كفراً بواحاً. ونصوصهم في ذلك موجودة عن الأئمة الأربعة وغيرهم وأمثالهم ونظرائهم ا.هـ
وثبت في البخاري عن عبدالله بن دينار قال: شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبدالملك قال: كتب: إني أقر بالسمع والطاعة لعبدالله عبدالملك أمير المؤمنين على سنة الله وسنة رسوله ما استطعت، وإن بنيّ قد أقروا بمثل ذلك .
ومن كلمات الإمام أحمد – رحمه الله -: ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً براً كان أو فاجراً ا.هـ (الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 23 )

فإن قيل: إن بيعتهم لا تلزمني لأني لم أبايعهم بنفسي.
فيقال: إن مبايعة كل رجل شخصياً للإمام بالحكم ليس شرطاً وإنما الواجب اعتقاد أن لهم بيعة في أعناقنا حتى لا نموت ميتة جاهلية فنسمع ونطيع لهم، ومن المعلوم أن عامة الناس تبع لأهل الحل والعقد منهم ، فإذا بايع أهل الحل والعقد دخل عامة الناس تبعاً ، كما نص على ذلك شيخنا الإمام عبدالعزيز بن باز – رحمه الله - . (شريط: أهداف الحملات الإعلامية ضد حكام علماء الحرمين ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبدالعزيز بن ريس الريس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحقوق الشرعية لولاة أمور المسلمين من رب البرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لمن لا يعرف خبث (الإخوان المسلمين= المفلسين
» تسـاؤلات عن الأثار الحميدة لدعوة حسن البنا والإخوان المسلمين !
» لحث على طلب العلم ـ واجبات المعلم والمتعلم وأولياء أمور المتعلم لابن عثيمين رحمه الله
» ما معنى السلفية ؟ وإلى من تنسب ؟ وهل يجوز الخروج عن فهم السلف الصالح في تفسير النصوص الشرعية ؟
» ما حكم الأجبان المصنوعة من مواد مستخرجة من حيوان لم يذبح ذبحاً شرعياً ؟ مع بيان حرمة التحايل على الأحكام الشرعية ]

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أهل السنة و الجماعة  :: الفئة الأولى :: منبر القضايا المنهجية-
انتقل الى: