.. مـنـكـرات الولائم والأعراس

بسم الله الرحمن الرحيم
.. مـنـكـرات الولائم والأعراس ..
أما بعد فهذه بعض المخالفات الشرعية التي تقع في حفلات الزواج أو الزفاف ، والتي يجب على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينكرها بقلبه ولسانه ويده بحسب استطاعته :
أولاً : الاستعمال غير المشروع للدف ، فإن من المعلوم أن ضرب الدف ليلة الزفاف من الأمور التي استثنتها الشريعة من أصل تحريم المعازف ، لكن إباحة الدف ليست على إطلاقها ، بل هي بشروط منها :
أ - أن يكون الضرب بالدف لا بغيره ، وهو ما يسمى عندنا بـ(الطار) وهو المختوم من وجه واحد ، لأن المختوم من وجهين يسمى (الطبل) ، وهو من آلات المعازف التي حرمها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
ب – أن لا يصحب الضرب بالدف محرم كالغناء الماجن الذي يدعو للفاحشة ، والعشق والغرام ، والذي يتداوله الفسقة من المغنين والمغنيات .
ج – أن يكون الضرب بالدف من النساء خاصة ، قال ابن تيمية : " ولما كان الضرب بالدف والتصفيق بالكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال المغنين مخانيث " ، وقال ابن قدامة : " ففي ضرب الرجال للدف تشبه بالنساء ، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء" .
د – أن يكون الضرب بالدف في ليلة الزفاف فقط ، أما ما نراه في هذه الأيام من التوسع في ضرب الدف في اليوم التالي للزفاف ( الكرمة ) أو ما يسمى ( الزوارة ) فهذا مما لم يأذن به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ، سواء كان عن طريق المغنيات أو (الطقاقات) ، أو الأشرطة المسجلة .
ثانياً : استـئجار المغنين والمغنيات ، واستعمال المعازف المحرمة ، كالعود ، والأرج ، والكمنجة ، والمزمار ، فإن هذا كله محرم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الخمر والمعازف " رواه البخاري .
ثالثاً : تصوير النساء ، وخصوصاً ( العروس ) ، قال ابن عثيمين : " لا يرضى عاقل فضلاً عن مؤمن أن تلتقط صور محارمه ، لتكون سلعة لكل أحد أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق ، وهو أمر يستنكره كل ذي عقل سليم ودين مستقيم ".
رابعاً : دخول الرجال على النساء بحجة إيصال الزوج إلى زوجته ، وفي هذا مفاسد عظيمة لا يعلمها إلا الله ، ومنها تكشف النساء المتزينات المتعطرات أمام الأجانب ، ويعظم الأمر إذا كان بحجة رقص الرجال مع النساء – والعياذ بالله – قال العز بن عبدالسلام : " الرقص لا يتعاطاه إلا ناقص العقل أحمق ، ولا يصلح إلا للنساء " .
خامساً : ( التشريعة ) وهي أن تجلس العروس أمام الناس ثم يدخل عليها الزوج فيسلم عليها ، وربما قبلها على خدها أو جبينها – والعياذ بالله – وهذا كله من التشبه بالكفرة والفسقة .
فليتق الله أولئك الناس في بنات ونساء المسلمين ، فإن في الحاضرات البنت البكر ، والمطلقة ، والأرملة ، والعانس ، أليس في فعل ذلك المنكر أمامهن ما يخدش حياءهن ويثير غرائزهن ، فكيف يرضى مسلم بذلك لأهله !!! ، بل ربما كان ذلك سبباً لإصابة الزوجين أو أحدهما بالعين كما هو واقع ، نسأل الله السلامة والعافية .
قال ابن عثيمين : "وإن تعجب فعجب أن يحدث ذلك من رجل أنعم الله عليه بنعمة الزواج فقابلها بهذا الفعل المنكر شرعاً وعقلاً ومروءة ، وكيف يمكنه أهل الزوجة من ذلك ، أفلا يخافون أن يشاهد هذا الزوج في مجتمع النساء من هي أجمل من زوجته وأبهى ، فتسقط من عينه ويدور في رأسه الشيء الكثير ، وتكون العاقبة بينه وبين زوجته غير حميدة ".
سادساً : الإسراف والتبذير ، سواء في الوليمة أو باستئجار بيوت الحفلات بالأثمان الباهظة ، أو ببذل المال للمغنين والمغنيات ، قال سبحانه : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأنعام: الآية141) ، وقال سبحانه : ( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ) (الإسراء:26،27) .
سابعاً : تعري النساء وإظهارهن لمفاتنهن فيما بينهن بحجة أن عورة المرأة ما بين السرة والركبة ، وهذا مما لا يعلم له دليل من الكتاب والسنة ، بل الدليل على خلاف ذلك قال سبحانه : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ) (النور: الآية31) ، فذكر سبحانه ما يجوز أن تظهره المرأة أمام الرجال المحارم ، والنساء وهو زينتها أي مواضع الزينة كاليدين والرأس والعنق وأعلى الصدر والقدمين وأطراف الساقين ، وعليه فلا يجوز للمرأة أن تبدي شيئاً من ثدييها أو ظهرها أو ما فوق ساقيها إلا لزوجها .
ختاماً : يجب على كل مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تمتنع عن حضور كل حفل أو وليمة تشتمل على شيء من هذه المنكرات ، أو غيرها ، ولا يكفي أن تحضر ثم تقول إني أنكر بقلبي ، فإن حضور المنكر من غير إكراه ولا إنكار ، منكر عظيم ، قال سبحانه : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام:68) ، ولا يجوز لولي المرأة أن يمكنها من حضور هذه الأعراس ، قال صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ". رواه البخاري ، والحمد لله أولاً و آخراً .
كتبه : إمام مسجد صلاح الدين بحي بدر بالرياض
حمد بن عبد العزيز بن حمد ابن عتيق
13/4/1423هـ