أهل السنة و الجماعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أهل السنة و الجماعة

(قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )سورة يوسف
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الولاء والبراء للشيخ محمد بن صالح العثيميين قدس الله روحه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو أنس السني




المساهمات : 102
تاريخ التسجيل : 02/03/2010

الولاء والبراء للشيخ محمد بن صالح العثيميين قدس الله روحه Empty
مُساهمةموضوع: الولاء والبراء للشيخ محمد بن صالح العثيميين قدس الله روحه   الولاء والبراء للشيخ محمد بن صالح العثيميين قدس الله روحه I_icon_minitimeالأربعاء مارس 03, 2010 5:10 am

لفضيلة الشيخ





(382) سئل فضيلة الشيخ: عن الولاء والبراء؟
فأجاب - رحمه الله- بقوله: البراء والولاء لله سبحانه أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه كما قال ـ سبحانه وتعالى ـ: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً((1) وهذا مع القوم المشركين كما قال سبحانه: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله((2) فيجب على كل مؤمن أن يتبرأ من كل مشرك وكافر. فهذا في الأشخاص.
وكذلك يجب على المسلم أن يتبرأ من كل عمل لا يرضي الله ورسوله وإن لم يكن كفراً، كالفسوق والعصيان كما قال سبحانه: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في[قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون((3).
وإذا كان مؤمن عنده إيمان وعنده معصية، فنواليه على إيمانه، ونكرهه على معاصيه، وهذا يجري في حياتنا، فقد تأخذ الدواء الكريه الطعم وأنت كاره لطعمه، وأنت مع ذلك راغب فيه لأن فيه شفاء من المرض.
وبعض الناس يكره المؤمن العاصي أكثر مما يكره الكافر، وهذا من العجب وهو قلب للحقائق، فالكافر عدو لله ولرسوله وللمؤمنين ويجب علينا أن نكرهه من كل قلوبنا (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة((4). (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين . فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصللمطيع وإن عظمت معصيته قوله تعالى فيمن قتل مؤمناً عمداً :]فمن عُفِيَ له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان[. فجعل الله القاتل عمداً أخاً للمقتول مع أن القتل ـ قتل المؤمن عمداً ـ من أعظم الكبائر وقوله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: ]وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما[. إلى قوله: ]إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم[. فلم يخرج الله الطائفتين المقتتلتين من الإيمان ولا من الأخوة الإيمانية.
فإن كان في الهجر مصلحة أو زوال مفسدة بحيث يكون رادعاً لغير العاصي عن المعصية أو موجباً لإقلاع العاصي عن معصيته كان الهجر حينئذٍ جائزاً بل مطلوباً طلباً لازماً أو مرغباً فيه حسب عظم المعصية التي هجر من أجلها. ودليل ذلك قصة كعب بن مالك وصاحبيه ـ رضي الله عنهم ـ وهم الثلاثة الذين خلفوا فقد أمر النبي ، صلى الله عليه وسلم، بهجرهم ونهى عن تكليمهم فاجتنبهم الناس، حتى إن كعباً - رضي الله عنه -دخل على ابن عمه أبي قتادة - رضي الله عنه -وهو أحب الناس إليه فسلم عليه فلم يرد عليه السلام. فصار بهذا الهجر من المصلحة العظيمة لهؤلاء الثلاثة من الرجوع إلى الله - عز وجل - والتوبة النصوح والابتلاء العظيم ولغيرهم من المسلمين ما ترجحت به مصلحة الهجر على مصلحة الوصل.
أما اليوم فإن كثيراً من أهل المعاصي لا يزيدهم الهجر إلاّ مكابرة وتمادياً في معصيتهم ونفوراً وتنفيراً عن أهل العلم والإيمان فلا يكون في هجرهم فائدة لهم ولا لغيرهم.
وعلى هذا فنقول: إن الهجر دواء يستعمل حيث كان فيه الشفاء، وأما إذا لم يكن فيه شفاء أو كان فيه إشفاء وهو الهلاك فلا يستعمل.
فأحوال الهجر ثلاث:
إما أن تترجح مصلحته فيكون مطلوباً.
وإما أن تترجح مفسدته فينهى عنه بلا شك.
وإما أن لا يترجح هذا ولا هذا فالأقرب النهي عنه لعموم قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة".
أما الكفار المرتدون فيجب هجرهم والبعد عنهم وأن لا يجالسوا ولا يواكلوا، إذا قام الإنسان بنصحهم ودعوتهم إلى الرجوع إلى الإسلام فأبوا، وذلك لأن المرتد لا يقر على ردته بل يدعى إلى الرجوع إلى ما خرج منه فإن أبى وجب قتله، وإذا قتل على ردته فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، وإنما يرمى بثيابه ورجس دمه في حفرة بعيداً عن المقابر الإسلامية في مكان غير مملوك.
وأما الكفار غير المرتدين فلهم حق القرابة إن كانوا من ذوي القربى كما قال تعالى: ]وآت ذا القربى حقه[ وقال في الأبوين الكافرين المشركين: ]وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي[.

(383) وسئل أيضاً: عن حكم موالاة الكفار؟
فأجاب بقوله : موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم قال الله تعالى : ]لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله[ (1) وقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين[(2) وقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين[(3).
وقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً[(4) وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ويتميز هؤلاء عن هؤلاء، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير.
ولا ينبغي أبداً أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة وأبدى من النصح فإن الله تعالى يقول عنهم:]ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء[(5).ويقول سبحانه لنبيه:]ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم[ (6) والواجب على المؤمن أن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه، وألا تأخذه فيه لومة لائم، وألا يخاف من أعدائه فقد قال الله تعالى: ]إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين[(7) وقال تعالى : ]فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين[(Cool.
وقال سبحانه: ]يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم[(1)والله الموفق.

(384) وسئل - رحمه الله - : عن حكم مودة الكفار وتفضيلهم على المسلمين؟
فأجاب بقوله: لا شك أن الذي يواد الكفار أكثر من المسلمين قد فعل محرماً عظيماً، فإنه يجب أن يحب المسلمين وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، أما أن يود أعداء الله أكثر من المسلمين فهذا خطر عظيم وحرام عليه، بل لا يجوز أن يودهم ولو أقل من المسلمين لقوله تعالى: ]لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون[(2)

(386) سئل فضيلة الشيخ: عما زعمه أحد الوعاظ في مسجد من مساجد أوربا من أنه لا يجوز تكفير اليهود والنصارى؟
فأجاب بقوله: أقول: إن هذا القول الصادر عن هذا الرجل ضلال، وقد يكون كفراً، وذلك لأن اليهود والنصارى كفرهم الله - عز وجل - في كتابه، قال الله تعالى: ]وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون . اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون[. فدل ذلك على أنهم مشركون، وبين الله تعالىفي آيات أخرى ما هو صريح بكفرهم:
]لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم[(1)
]لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة[(2)
]لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم[(1)
]إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم[(2)
والآيات في هذا كثيرة، والأحاديث، فمن أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد، صلى الله عليه وسلم، وكذبوه، فقد كذب الله - عز وجل - وتكذيب الله كفر، ومن شك في كفرهم فلا شك في كفره هو.
ويا سبحان الله كيف يرضى هذا الرجل أن يقول : إنه لا يجوز إطلاق الكفر على هؤلاء وهم يقولون : إن الله ثالث ثلاثة؟ وقد كفرهم خالقهم - عز وجل - وكيف لا يرضى أن يكفر هؤلاء وهم يقولون : إن المسيح ابن الله، ويقولون: يد الله مغلولة، ويقولون : إن الله فقير ونحن أغنياء؟!
كيف لا يرضى أن يكفر هؤلاء وأن يطلق كلمة الكفر عليهم، وهم يصفون ربهم بهذه الأوصاف السيئة التي كلها عيب وشتم وسب؟!
وإني أدعو هذا الرجل ، أدعوه أن يتوب إلى الله -عز وجل-وأن يقرأ قول الله تعالى: ]ودوا لو تدهن فيدهنون[(3) وألا يداهن هؤلاء في كفرهم، وأن يبين لكل أحد أن هؤلاء كفار، وأنهم من أصحاب النار، قال النبي، صلى الله عليه وسلم،: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة ـ أي أمة الدعوة ـ ثم لا يتبع ما جئت به، أو قال: لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار".
فعلى هذا القائل أن يتوب إلى ربه من هذا القول العظيم الفرية، وأن يعلن إعلاناً صريحاً بأن هؤلاء كفرة، وأنهم من أصحاب النار، وأن الواجب عليهم أن يتبعوا النبي الأمي محمدا ً، صلى الله عليه وسلم ، فإنه مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ] يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون[ (1) وهو بشارة عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام،.
فقد قال عيسى ابن مريم ما حكاه ربه عنه: ]يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين[(2).
لما جاءهم من...؟ من الذي جاءهم....؟ المبشر به أحمد، لما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين، وبهذا نرد دعوى أولئك النصارى الذين قالوا: إن الذي بشر به عيسى هو أحمد لا محمد، فنقول: إن الله قال: ]فلما جاءهم بالبينات[. ولم يأتكم بعد عيسى إلا محمد، صلى الله عليه وسلم، ومحمد هو أحمد، لكن الله ألهم عيسى أن يسمي محمداً بأحمد لأن أحمد اسم تفضيل من الحمد، فهو أحمد الناس لله، وهو أحمد الخلق في الأوصاف كاملة، فهو عليه الصلاة والسلام أحمد الناس لله، جعلاً لصيغة التفضيل من باب اسم الفاعل وهو أحمد الناس، بمعنى أحق الناس أن يحمد جعلاً لصيغة التفضيل من باب اسم المفعول، فهو حامد ومحمود على أكمل صيغة الحمد الدال عليها أحمد.
وإني أقول: إن كل من زعم أن في الأرض ديناً يقبله الله سوى دين الإسلام فإنه كافر لا شك في كفره، لأن الله - عز وجل - يقول في كتابه: ]ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[(1) ويقول - عز وجل - : ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[(2).
وعلى هذا ـ وأكررها مرة ثالثة ـ على هذا القائل أن يتوب إلى الله - عز وجل - وأن يبين للناس جميعاً أن هؤلاء اليهود والنصارى كفار، لأن الحجة قد قامت عليهم وبلغتهم الرسالة ولكنهم كفروا عناداً.
ولقد كان اليهود يوصفون بأنهم مغضوب عليهم لأنهم علموا الحق وخالفوه، وكان النصارى يوصفون بأنهم ضالون لأنهم أرادوا الحق فضلوا عنه، أما الآن فقد علم الجميع الحق وعرفوه، ولكنهم خالفوه وبذلك استحقوا جميعاً أن يكونوا مغضوباً عليهم، وإني أدعو هؤلاء اليهود والنصارى إلى أن يؤمنوا بالله ورسله جميعاً وأن يتبعوا محمداً، صلى الله عليه وسلم، لأن هذا هو الذي أمروا به في كتبهم كما قال الله تعالى : ] ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون . الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون[(4)
] قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون[(5)
وليأخذوا من الأجر بنصيبين، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، وصلى الله عليه وسلم،". الحديث .
ثم إني اطلعت بعد هذا على كلام لصاحب الإقناع في باب حكم المرتد قال فيه ـ بعد كلام سبق ـ : "أولم يكْفر من دان بغير الإسلام كالنصارى، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم فهو كافر".
ونقل عن شيخ الإسلام قوله:
"من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، وأن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه أو أعانهم على فتحها، وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر".
وقال أيضاً في موضع آخر:
"من اعتقد أن زيارة أهل الذمة في كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد".
وهذا يؤيد ما ذكرناه في صدر الجواب، وهذا أمر لا إشكال فيه. والله المستعان.

(387) وسئل فضيلة الشيخ: عن وصف الكفار بالصدق والأمانة وحسن العمل؟
فأجاب بقوله: هذه الأخلاق إن صحت مع أن فيهم الكذب والغدر والخيانة والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية وهذا معلوم، لكن إذا صحت هذه فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام، والمسلمون أولى أن يقوموا بها ليكسبوا بذلك حسن الأخلاق مع الأجر والثواب. أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمراً مادياً فيصدقون في المعاملة لجلب الناس إليهم.
لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور فهو يريد بالإضافة إلى الأمر المادي أمراً شرعياً وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله - عز وجل - وهذا هو الفارق بين المسلم والكافر.
أما ما زُعِم من الصدق في دول الكفر شرقية كانت أم غربية فهذا إن صح فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم أنكروا حقَّ مَنْ حقُّه أعظم الحقوق وهو الله - عز وجل - ]إن الشرك لظلم عظيم[(1). فهؤلاء مهما عملوا من الخير فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم، وكفرهم، وظلمهم فلا خير فيهم.

(388) وسئل فضيلة الشيخ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء: عن حكم السفر إلى بلاد الكفار؟ وحكم السفر للسياحة؟
فأجاب قائلاً: السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز إلا بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات.
الشرط الثاني: أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات.
الشرط الثالث: أن يكون محتاجاً إلى ذلك.
فإن لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار لما في ذلك من الفتنة أو خوف الفتنة وفيه إضاعة المال لأن الإنسان ينفق أموالاً كثيرة في هذه الأسفار.
أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لعلاج أو تلقي علم لا يوجد في بلده وكان عنده علم ودين على ما وصفنا فهذا لا بأس به.
وأما السفر للسياحة في بلاد الكفار فهذا ليس بحاجة وبإمكانه أن يذهب إلى بلاد إسلامية يحافظ أهلها على شعائر الإسلام، وبلادنا الآن والحمد لله أصبحت بلاداً سياحية في بعض المناطق فبإمكانه أن يذهب إليها ويقضي زمن إجازته فيها.
وسئل أيضاً: عن حكم الإقامة في بلاد الكفار؟
فأجاب فضيلة الشيخ بقوله: الإقامة في بلاد الكفار خطر عظيم على دين المسلم، وأخلاقه، وسلوكه، وآدابه وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك فرجعوا بغير ما ذهبوا به، رجعوا فُسّاقاً، وبعضهم رجع مرتدّاً عن دينه وكافراً به وبسائر الأديان ـ والعياذ بالله ـ حتى صاروا إلى الجحود المطلق والاستهزاء بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين، ولهذا كان ينبغي بل يتعين التحفظ من ذلك ووضع الشروط التي تمنع من الهُوِيّ في تلك المهالك.
فالإقامة في بلاد الكفر لابد فيها من شرطين أساسيين:
الشرط الأول: أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ وأن يكون مضمراً لعداوة الكافرين وبغضهم مبتعداً عن موالاتهم ومحبتهم، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان قال الله تعالى:]لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم[(1) الآية. - وقال تعالى- :]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين .فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين[(1) وثبت في الصحيح عن النبي، صلى الله عليه وسلم: "أن من أحب قوماً فهو منهم، وأن المرء مع من أحب".
ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطراً على المسلم لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ولذلك قال النبي، صلى الله عليه وسلم، "من أحب قوماً فهو منهم".
الشرط الثاني: أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ، قال في المغني ص457 جـ8 في الكلام على أقسام الناس في الهجرة: أحدها من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى: ]إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً[(2). وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. أ.هـ.
وبعد تمام هذين الشرطين الأساسيين تنقسم الإقامة في دار الكفر إلى أقسام:
القسم الأول: أن يقيم للدعوة إلى الإسلام والترغيب فيه فهذا نوع من الجهاد فهي فرض كفاية على من قدر عليها، بشرط أن تتحقق الدعوة وأن لا يوجد من يمنع منها أو من الاستجابة إليها، لأن الدعوة إلى الإسلام من واجبات الدين وهي طريقة المرسلين وقد أمر النبي، صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه في كل زمان ومكان فقال ـصلى الله عليه وسلم ـ : "بلغوا عني ولو آية".
القسم الثاني: أن يقيم لدراسة أحوال الكافرين والتعرف على ما هم عليه من فساد العقيدة، وبطلان التعبد، وانحلال الأخلاق، وفوضوية السلوك ليحذر الناس من الاغترار بهم ويبين للمعجبين بهم حقيقة حالهم، وهذه الإقامة نوع من الجهاد أيضاً لما يترتب عليها من التحذير من الكفر وأهله المتضمن للترغيب في الإسلام وهديه، لأن فساد الكفر دليل على صلاح الإسلام، كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء. لكن لابد من شرط أن يتحقق مراده بدون مفسدة أعظم منه، فإن لم يتحقق مراده بأن منع من نشر ما هم عليه والتحذير منه فلا فائدة من إقامته، وإن تحقق مراده مع مفسدة أعظم مثل أن يقابلوا فعله بسب الإسلام ورسول الإسلام وأئمة الإسلام وجب الكف لقوله تعالى:]ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون[(1).
ويشبه هذا أن يقيم في بلاد الكفر ليكون عيناً للمسلمين، ليعرف ما يدبرونه للمسلمين من المكايد فيحذرهم المسلمون، كما أرسل النبي، صلى الله عليه وسلم، حذيفة بن اليمان إلى المشركين في غزوة الخندق ليعرف خبرهم.
القسم الثالث: أن يقيم لحاجة الدولة المسلمة وتنظيم علاقاتها مع دولة الكفر كموظفي السفارات فحكمها حكم ما أقام من أجله. فالملحق الثقافي مثلاً يقيم ليرعى شؤون الطلبة ويراقبهم ويحملهم على التزام دين الإسلام وأخلاقه وآدابه، فيحصل بإقامته مصلحة كبيرة ويندرئ بها شر كبير.
القسم الرابع: أن يقيم لحاجة خاصة مباحة كالتجارة والعلاج فتباح الإقامة بقدر الحاجة، وقد نص أهل العلم رحمهم الله على جواز دخول بلاد الكفار للتجارة وأثروا ذلك عن بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
القسم الخامس: أن يقيم للدراسة وهي من جنس ما قبلها إقامة لحاجة لكنها أخطر منها وأشد فتكاً بدين المقيم وأخلاقه، فإن الطالب يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة معلميه، فيحصل من ذلك تعظيمهم والاقتناع بآرائهم وأفكارهم وسلوكهم فيقلدهم إلا من شاء الله عصمته وهم قليل، ثم إن الطالب يشعر بحاجته إلى معلمه فيؤدي ذلك إلى التودد إليه ومداهنته فيما هو عليه من الانحراف والضلال. والطالب في مقر تعلمه له زملاء يتخذ منهم أصدقاء يحبهم ويتولاهم ويكتسب منهم، ومن أجل خطر هذا القسم وجب التحفظ فيه أكثر مما قبله فيشترط فيه بالإضافة إلى الشرطين الأساسيين شروط:
الشرط الأول: أن يكون الطالب على مستوى كبير من النضوج العقلي الذي يميز به بين النافع والضار وينظر به إلى المستقبل البعيد فأما بعث الأحداث "الصغار السن" وذوي العقول الصغيرة فهو خطر عظيم على دينهم، وخلقهم، وسلوكهم، ثم هو خطر على أمتهم التي سيرجعون إليها وينفثون فيها من السموم التي نهلوها من أولئك الكفار كما شهد ويشهد به الواقع، فإن كثيراً من أولئك المبعوثين رجعوا بغير ما ذهبوا به، رجعوا منحرفين في ديانتهم، وأخلاقهم، وسلوكهم، وحصل عليهم وعلى مجتمعهم من الضرر في هذه الأمور ما هو معلوم مشاهد، وما مثل بعث هؤلاء إلا كمثل تقديم النعاج للكلاب الضارية.
الشرط الثاني: أن يكون عند الطالب من علم الشريعة ما يتمكن به من التمييز بين الحق والباطل، ومقارعة الباطل بالحق لئلا ينخدع بما هم عليه من الباطل فيظنه حقاً أو يلتبس عليه أو يعجز عن دفعه فيبقى حيران أو يتبع الباطل.
وفي الدعاء المأثور "اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علي فأضل".
الشرط الثالث: أن يكون عند الطالب دين يحميه ويتحصن به من الكفر والفسوق، فضعيف الدين لا يسلم مع الإقامة هناك إلا أن يشاء الله وذلك لقوة المهاجم وضعف المقاوم. فأسباب الكفر والفسوق هناك قوية وكثيرة متنوعة فإذا صادفت محلاً ضعيف المقاومة عملت عملها.
الشرط الرابع: أن تدعو الحاجة إلى العلم الذي أقام من أجله بأن يكون في تعلمه مصلحة للمسلمين ولا يوجد له نظير في المدارس في بلادهم، فإن كان من فضول العلم الذي لا مصلحة فيه للمسلمين أو كان في البلاد الإسلامية من المدارس نظيرة لم يجز أن يقيم في بلاد الكفر من أجله لما في الإقامة من الخطر على الدين والأخلاق، وإضاعة الأموال الكثيرة بدون فائدة.
القسم السادس: أن يقيم للسكن وهذا أخطر مما قبله وأعظم لما يترتب عليه من المفاسد بالاختلاط التام بأهل الكفر وشعوره بأنه مواطن ملتزم بما تقتضيه الوطنية من مودة، وموالاة، وتكثير لسواد الكفار، ويتربى أهله بين أهل الكفر فيأخذون من أخلاقهم وعاداتهم، وربما قلدوهم في العقيدة والتعبد ولذلك جاء في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، "من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله". وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له وجهة من النظر فإن المساكنة تدعو إلى المشاكلة، وعن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم؟ قال لا تراءى نارهما" رواه أبو داود والترمذي وأكثر الرواة رووه مرسلاً عن قيس بن أبي حازم عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي سمعت محمداً ـ يعني البخاري ـ يقول الصحيح حديث قيس عن النبي، صلى الله عليه وسلم، مرسل. أ.هـ. وكيف تطيب نفس مؤمن أن يسكن في بلاد كفار تعلن فيها شعائر الكفر ويكون الحكم فيها لغير الله ورسوله وهو يشاهد ذلك بعينه ويسمعه بإذاًيه ويرضى به، بل ينتسب إلى تلك البلاد ويسكن فيها بأهله وأولاده ويطمئن إليها كما يطمئن إلى بلاد المسلمين مع ما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى أهله وأولاده في دينهم وأخلاقهم.
هذا ما توصلنا إليه في حكم الإقامة في بلاد الكفر نسأل الله أن يكون موافقاً للحق والصواب.

(389) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم؟
فأجاب قائلاً: لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم قال الله تعالى: ]قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده[(1) وقال تعالى: ]لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه[(2). وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع. قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق[(3).
أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم فهذا لا بأس به، لأنه من باب التأليف على الإسلام ولكن إذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به. وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولا سيما كتاب "أحكام أهل الذمة" لابن القيم - رحمه الله -.

(390)سئل فضيلة الشيخ: عن رجل أسلم وأحب الإسلام وأهله ويبغض الشرك وأهله، وبقي في بلد يَكْرَهُ أهلها الإسلام ويحاربونه ويقاتلون المسلمين، ولكنه يشق عليه ترك الوطن فلم يهاجر، فما الحكم؟
فأجاب بقوله: هذا الرجل يحرم عليه بقاؤه في هذا البلد ويجب عليه أن يهاجر فإن لم يفعل فليرتقب قول الله تعالى: ]إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً . إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً[(4) فالواجب على هذا إذا كان قادراً على الهجرة أن يهاجر إلى بلد الإسلام، وحينئذ سوف ينسلخ من قلبه محبة البلد التي هاجر منها وسوف يرغب في بلاد الإسلام، أما كونه لا يستطيع مفارقة بلد يحارب الإسلام وأهله لمجرد أنها وطنه الأول فهذا حرام ولا يجوز له البقاء فيها.

(391) وسئل: عن حكم مخالطة المسلمين لغيرهم في أعيادهم؟
فأجاب قائلاً:مخالطة غيرالمسلمين في أعيادهم محرمة لما في ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى:]وتعاونوا على البروالتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان[(1). ولأن هذه الأعياد إن كانت لمناسبات دينية فإن مشاركتهم فيها تقتضي إقرارهم على هذه الديانة والرضاء بما هم عليه من الكفر، وإذا كانت الأعياد لمناسبات غير دينية فإنه لو كانت هذه الأعياد في المسلمين ما أقيمت فكيف وهي في الكفار؟‍ لذلك قال أهل العلم إنه لا يجوز للمسلمين أن يشاركوا غير المسلمين في أعيادهم، لأن ذلك إقرار ورضا بما هم عليه من الدين الباطل، ثم إنه معاونة على الإثم والعدوان.
واختلف العلماء فيما إذا أهدى إليك أحد من غير المسلمين هدية بمناسبة أعيادهم هل يجوز لك قبولها أو لا يجوز؟
فمن العلماء من قال :لا يجوز أن تقبل هديتهم في أعيادهم، لأن ذلك عنوان الرضاء بها، ومنهم من يقول :لا بأس به. وعلى كل حال إذا لم يكن في ذلك محظور شرعي وهو أن يعتقد المهدي إليك أنك راض بما هم عليه فإنه لا بأس بالقبول وإلا فعدم القبول أولى. وهنا يحسن أن نذكر ما قاله ابن القيم - رحمه الله - في كتاب أحكام أهل الذمة 1/205 "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب.. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك" أ.هـ.

(392) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم السلام على غير المسلمين؟
فأجاب بقوله: البدء بالسلام على غير المسلمين محرم ولا يجوز لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه" ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نرد عليهم لعموم قوله تعالى: ]وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[(2) وكان اليهود يسلمون على النبي، صلى الله عليه وسلم، فيقولون: "السام عليك يا محمد" والسام بمعنى الموت، يدعون على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالموت. فقال النبي، عليه الصلاة والسلام: "إن اليهود يقولون : السام عليكم فإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم". فإذا سلم غير المسلم على المسلم وقال: "السام عليكم" فإننا نقول: "وعليكم". وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "وعليكم" دليل على أنهم إذا كانوا قد قالوا: السلام عليكم فإن عليهم السلام فكما قالوا نقول لهم، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن اليهودي أو النصراني أو غيرهم من غير المسلمين إذا قالوا بلفظ صريح:"السلام عليكم" جاز أن نقول: عليكم السلام.
ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون، لأن الإسلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله - عز وجل - فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام.
إذاً فنقول في خلاصة الجواب: لا يجوز أن يبدأ غير المسلمين بالسلام لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك، ولأن في هذا إذلالاً للمسلم حيث يبدأ بتعظيم غير المسلم، والمسلم أعلى مرتبة عند الله - عز وجل - فلا ينبغي أن يذل نفسه في هذا. أما إذا سلموا علينا فإننا نرد عليهم مثل ما سلموا.
وكذلك أيضاً لا يجوز أن نبدأهم بالتحية مثل أهلاً وسهلاً ومرحباً وما أشبه ذلك لما في ذلك من تعظيمهم فهو كابتداء السلام عليهم.

(393) وسئل - رحمه الله - : عن حكم السلام على المسلم بهذه الصيغة "السلام على من اتبع الهدى"؟ وكيف يسلم الإنسان على أهل محل فيهم المسلم والكافر؟
فأجاب قائلاً: لا يجوز أن يسلم الإنسان على المسلم بقوله: "السلام على من اتبع الهدى" لأن هذه الصيغة إنما قالها الرسول، صلى الله عليه وسلم، حين كتب إلى غير المسلمين، وأخوك المسلم قل له : السلام عليكم، أما أن تقول: "السلام على من اتبع الهدى" فمقتضى هذا أن أخاك هذا ليس ممن اتبع الهدى.
وإذا كانوا مسلمين ونصارى فإنه يسلم عليهم بالسلام المعتاد يقول : السلام عليكم يقصد بذلك المسلمين.

(394) سئل فضيلة الشيخ أعلى الله درجته في دار كرامته: هل يجوز لنا أن نبدأ الكفار بالسلام؟ وكيف نرد عليهم إذا سلموا علينا؟
فأجاب بقوله: إن هؤلاء الذين يأتوننا من الشرق ومن الغرب ممن ليسوا مسلمين لا يحل لنا أن نبدأهم بالسلام، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام". رواه مسلم في صحيحه.
وإذا سلموا علينا فإننا نرد عليهم بمثل ما سلموا علينا به لقوله تعالى: ]وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[(1) وسلامهم علينا بالتحية الإسلامية "السلام عليكم" لا يخلو من إحدى حالين:
الحال الأولى: أن يفصحوا باللام فيقولوا : "السلام عليكم" فلنا أن نقول:
عليكم السلام، ولنا أن نقول: وعليكم.
الحال الثانية: إذا لم يفصحوا باللام مثل أن يقولوا : "السام عليكم" فإننا نقول: "وعليكم" فقط، وذلك لأن اليهود كانوا يأتون إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيسلمون عليه بقولهم: "السام عليكم" غير مفصحين باللام والسام هو الموت، يريدون الدعاء على النبي، صلى الله عليه وسلم، بالموت فأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن نقول لهم: "وعليكم" فإذا كانوا قالوا: "السام عليكم" فإننا نقول: "وعليكم" يعني أنتم أيضاً عليكم السام هذا هو ما دلت عليه السنة.
وأما أن نبدأهم نحن بالسلام فإن هذا قد نهانا عنه نبينا، صلى الله عليه وسلم،.

(395) سئل فضيلة الشيخ: إذا سلم الكافر على المسلم فهل يرد عليه؟ وإذا مد يده للمصافحة فما الحكم؟ وكذلك خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي؟.
فأجاب فضيلته بقوله: إذا سلم الكافر على المسلم سلاماً بيناً واضحاً فقال: السلام عليكم، فإنك تقول: عليك السلام، لقوله تعالى: ]وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[(2): أما إذا لم يكن بيناً واضحاً فإنك تقول: وعليك. وكذلك لو كان سلامه واضحاً يقول فيه : السام عليكم يعني الموت فإنه يقال: وعليك.
فالأقسام ثلاثة:
الأول: أن يقول بلفظ صريح : "السام عليكم". فيجاب: "وعليكم".
الثاني: أن نشك هل قال: "السام" أو قال: "السلام"، فيجاب: "وعليكم".
الثالث: أن يقول بلفظ صريح: "السلام عليكم". فيجاب: "عليكم السلام"؛ لقوله تعالى: ]وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[.
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالىـ: "فلو تحقق السامع أن الذي قال له: سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام أو يقتصر على قوله: وعليك؟ فالذي تقتضيه الأدلة وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: ]وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[. فندب إلى الفضل، وأوجب العدل، ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما، فإنه، صلى الله عليه وسلم، إنما أمر بالاقتصار على قول الراد: وعليكم على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، ثم قال ابن القيم : والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه. قال الله تعالى: ]وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول[(1). فإذا زال هذا السبب، وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه. أ.هـ. 200/1 أحكام أهل الذمة. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم، فقولوا: وعليك". والسام هو الموت.
وإذا مد يده إليك للمصافحة فمد يدك إليه وإلا فلا تبدأه.
وأما خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي فمكروه، لكن ضع الفنجال على الماصه ولا حرج.

(396) سئل فضيلة الشيخ: ورد في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" أليس في العمل بهذا تنفير عن الدخول في الإسلام؟.
فأجاب بقوله: يجب أن نعلم أن أسدَّ الدعاة في الدعوة إلى الله هو النبي، صلى الله عليه وسلم، وأن أحسن المرشدين إلى الله هو النبي، صلى الله عليه وسلم، وإذا علمنا ذلك فإن أي فهم نفهمه من كلام الرسول، صلى الله عليه وسلم، يكون مجانباً للحكمة يجب علينا أن نتهم هذا الفهم، وأن نعلم أن فهمنا لكلام النبي، صلى الله عليه وسلم، خطأ، لكن ليس معنى ذلك أن نقيس أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، بما ندركه من عقولنا، وأفهامنا، لأن عقولنا وأفهامنا قاصرة، لكن هناك قواعد عامة في الشريعة يرجع إليها في المسائل الخاصة الفردية.
فالنبي، عليه الصلاة والسلام، يقول: "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" والمعنى: لا تتوسعوا لهم إذا قابلوكم حتى يكون لهم السعة ويكون الضيق عليكم بل استمروا في اتجاهكم وسيركم، واجعلوا الضيق إن كان هناك ضيق على هؤلاء، ومن المعلوم أن هدى النبي، صلى الله عليه وسلم، ليس إذا رأى الكافر ذهب يزحمه إلى الجدار حتى يرصه على الجدار ما كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يفعل هذا باليهود في المدينة ولا أصحابه يفعلونه بعد فتوح الأمصار.
فالمعنى أنكم كما لا تبدؤونهم بالسلام لا تفسحوا لهم فإذا لقوكم فلا تتفرقوا حتى يعبروا بل استمروا على ما أنتم عليه واجعلوا الضيق عليهم إن كان في الطريق ضيق، وليس في الحديث تنفير عن الإسلام بل فيه إظهار لعزة المسلم، وأنه لا يذل لأحد إلا لربه عز وجل.

(397) سئل فضيلة الشيخ: شخص يعمل مع الكفار فبماذا تنصحونه؟.
فأجاب بقوله: ننصح هذا الأخ الذي يعمل مع الكفار، أن يطلب عملاً ليس فيه أحد من أعداء الله ورسوله ممن يدينون بغير الإسلام، فإذا تيسر فهذا هو الذي ينبغي، وإن لم يتيسر فلا حرج عليه لأنه في عمله وهم في عملهم، ولكن بشرط أن لا يكون في قلبه مودة لهم ومحبة وموالاة، وأن يلتزم ما جاء به الشرع فيما يتعلق بالسلام عليهم ورد السلام ونحو هذا، وكذلك أيضاً لا يشيع جنائزهم، ولا يحضرها، ولا يشهد أعيادهم، ولا يهنئهم بها.

(398) سئل فضيلة الشيخ: كيف نستفيد مما عند الكفار دون الوقوع في المحظور؟ وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك؟.
فأجاب ـ رفع الله درجته ـ بقوله: الذي يفعله أعداء الله وأعداؤنا وهم الكفار ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عبادات.
القسم الثاني: عادات.
القسم الثالث: صناعات وأعمال.
أما العبادات: فمن المعلوم أنه لا يجوز لأي مسلم أن يتشبه بهم في عباداتهم، ومن تشبه بهم في عباداتهم فإنه على خطر عظيم فقد يكون ذلك مؤدياً إلى كفره وخروجه من الإسلام.
وأما العادات: كاللباس وغيره فإنه يحرم أن يتشبه بهم لقول النبي، صلى الله عليكم وسلم:"من تشبه بقوم فهو منهم".
وأما الصناعات والحِرَف: التي فيها مصالح عامة فلا حرج أن نتعلم مما صنعوه ونستفيد منه، وليس هذا من باب التشبه، ولكنه من باب المشاركة في الأعمال النافعة التي لا يعد مَن قام بها متشبهاً بهم.
وأما قول السائل: "وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك؟".
فنقول: إن المصالح المرسلة لا ينبغي أن تجعل دليلاً مستقلاً، بل نقول :هذه المصالح المرسلة إن تحققنا أنها مصلحة فقد شهد لها الشرع بالصحة والقبول وتكون من الشرع، وإن شهد لها بالبطلان فإنها ليست مصالح مرسلة ولو زعم فاعلها أنها مصالح مرسلة. وإن كان لا هذا ولا هذا فإنها ترجع إلى الأصل، إن كانت من العبادات فالأصل في العبادات الحظر، وإن كانت من غير العبادات فالأصل فيها الحل، وبهذا يتبين أن المصالح المرسلة ليست دليلاً مستقلاً.



(399) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم استقدام العمال الكفار؟ وحكم تقديم الطعام لهم؟.
فأجاب ـ جزاهُ الله عنا خير الجزاء ـ بقوله: المسلمون خير من الكافرين، لقول الله تعالى: ]ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم[(1). ولكن لا بأس من استقدام غير المسلمين للحاجة.
وأما تقديم الطعام لهم فإن كان على سبيل الخدمة بأن يكون يخدمهم في بيتهم ونحوه فلا ينبغي، بل ذكر فقهاؤنا كراهة ذلك. وإن كان على غير هذا الوجه مثل أن تقدمه لهم من بيتك فلا حرج فيه لأن الحاجة داعية له.

(400) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية؟
فأجاب فضيلته بقوله: استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية أخشى أن يكون من المشاقة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، حيث صح عنه كما في صحيح البخاري أنه قال في مرض موته: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" وفي صحيح مسلم أنه قال: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً".
لكن استقدامهم للحاجة إليهم بحيث لا نجد مسلماً يقوم بتلك الحاجة جائز بشرط أن لا يمنحوا إقامة مطلقة.
وحيث قلنا : جائز فإنه إن ترتب على استقدامهم مفاسد دينية في العقيدة أو الأخلاق صار حراماً، لأن الجائز إذا ترتب عليه مفسدة صار محرماً تحريم الوسائل كما هو معلوم. ومن المفاسد المترتبة على ذلك ما يخشى من محبتهم والرضا بما هم عليه من الكفر، وذهاب الغيرة الدينية بمخالطتهم. وفي المسلمين ـ ولله الحمد ـ خير وكفاية، نسأل الله الهداية والتوفيق.

(401) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول: أخي لغير المسلم؟ وكذلك قول : صديق ورفيق؟ وحكم الضحك إلى الكفار لطلب المودة؟.
فأجاب بقوله: أما قول: "يا أخي" لغير المسلم فهذا حرام، ولا يجوز إلا أن يكون أخاً له من النسب أو الرضاع، وذلك لأنه إذا انتفت أخوة النسب والرضاع لم يبق إلا أخوة الدين، والكافر ليس أخاً للمؤمن في دينه، وتذكر قول نبي الله تعالى نوح: ]رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين . قال يا نوح إنه ليس من أهلك[(2).
وأما قول: "صديق رفيق" ونحوهما فإذا كانت كلمة عابرة يقصد بها نداء من جهل اسمه منهم فهذا لا بأس به، وإن قصد بها معناها تودداً وتقرباً منهم فقد قال الله تعالى: ]لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم[(1). فكل كلمات التلطف التي يُقصد بها الموادة لا يجوز للمؤمن أن يخاطب بها أحداً من الكفار.
وكذلك الضحك إليهم لطلب الموادة بيننا وبينهم لا يجوز كما علمت من الآية الكريمة.

(402) سئل فضيلة الشيخ: عن وصف الكافر بأنه أخ؟
فأجاب بقوله: لا يحل للمسلم أن يصف الكافرـ أيّاً كان نوع كفره سواء كان نصرانياً، أم يهودياً، أم مجوسياً، أم ملحداًـ لا يجوز له أن يصفه بالأخ أبداً، فاحذر يا أخي مثل هذا التعبير. فإنه لا أخوة بين المسلمين وبين الكفار أبداً، الأخوة هي الأخوة الإيمانية كما قال الله - عز وجل -: ]إنما المؤمنون إخوة[. وإذا كانت قرابة النسب تنتفي باختلاف الدين فكيف تثبت الأخوة مع اختلاف الدين وعدم القرابة؟ قال الله - عز وجل - عن نوح وابنه لما قال نوح، عليه الصلاة والسلام،: ]رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح[.
فلا أخوة بين المؤمن والكافر أبداً، بل الواجب على المؤمن ألا يتخذ الكافر ولياً كما قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق[.
فمن هم أعداء الله؟ أعداء الله هم الكافرون. قال الله تعالى: ]من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين[.
وقال ـ سبحانه وتعالى ـ : ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين[.

(403) سئل فضيلة الشيخ: إذا وجد الإنسان شخصاً غير مسلم في الطريق وطلب إيصاله فما الحكم؟ وهل يجوز الأكل مما مسته أيدي الكفار؟.
فأجاب بقوله: إذا وجدت شخصاً غير مسلم في الطريق فلا حرج عليك أن تركبه لأن الله يقول: ]لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين[(2).
أما الأكل مما مسته أيدي الكفار فجائز، لأن نجاسة الكافر نجاسة معنوية لا حسية.

(404) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسميس؟ وكيف نرد عليهم إذا هنؤونا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجاً أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم - رحمه الله - في كتابه "أحكام أهل الذمة"، حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالأتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه". انتهى كلامه - رحمه الله -.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضا به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره، لأن الله تعالىلا يرضى بذلك، كما قال الله تعالى: ]إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم[(1). وقال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[(2). وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنؤونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك، لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى، لأنها إما مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً، صلى الله عليه وسلم، إلى جميع الخلق، وقال فيه: ]وم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الولاء والبراء للشيخ محمد بن صالح العثيميين قدس الله روحه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ترجمة للشيخ العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله
» قول ( الإيمان في القلب )،للشيخ الفوزان -حفظه الله-
» مفاسد التعصب للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله
» ما هكذا المنهج السلفي.. -اسمع ما يقوله محمد حسان -هداه الله-؟؟ !
» سلسلة الهدى والنور – 002 : سلسلة الهدى والنور للعالم الرباني محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أهل السنة و الجماعة  :: الفئة الأولى :: منبر العقيدة و التوحيد-
انتقل الى: