الفضائح الكاشفات بعدما ارتمت ( حماس ) في أحضان بني صهيون !!!
( 1 )
قال صاحب المقالة المعنونة تحت اسم : " وداعاً لصواريخ المقاومة " ... ... والمنشورة بجريدة " الجريدة " الكويتية ... بتاريخ الاثنين 13 / 12 / 1430 هـ ـ 30 / 11 / 2009
( قبل سنة و5 أشهر وتحديداً في 23 / 6 /2008 كتبت مقالة بعنوان : " هل نقول وداعاً لسلاح المقاومة ؟ " بمناسبة نجاح الجهود المصرية والضغوط الأميركية في إقناع إسرائيل بقبول اتفاقية للهدنة لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد تلتزم خلالها " حماس " وفصائل المقاومة بعدم القيام بأي عملية ضد إسرائيل ، وفي المقابل تقوم إسرائيل بفتح المعابر بينها وبين القطاع لتمرير البضائع والغذاء والدواء ومواد البناء.
كانت " حماس " في حينها متلهفة للتهدئة وبحاجة ماسة إلى فترة تلتقط فيها أنفاسها وترسخ سلطتها عقب انقلابها على السلطة وتحريرها غزة !!! .
احتفلت بالنصر وسجدت شكراً لله وسمته التحرير الثاني لغزة .
لكن هذا الانتصار كلف 70 قتيلاً والمئات من الجرحى وتم رمي الطباخ المسكين من الطابق 15 .
وحرصت " حماس " بعد انقلابها على التزام التهدئة 7 أشهر ، وحرص قادتها على طمأنة إسرائيل بأنه ( لا هجمات من غزة ) وسعت عبر وسطاء عرب وغربيين لعرض هدنة على إسرائيل التي كانت ترفض لعدم ثقتها بـ " حماس " ، فمن ينقض العهد مع أخيه ينقضه مع عدوه .
لكن " حماس " وجدت نفسها في عزلة عربية ودولية ، والفشل يحيط بها ، والشعب محاصر ، والخدمات متوقفة ، والمصانع معطلة والكهرباء مقطوعة ، وأكثر من 140 ألف عامل لا عمل لهم ، والمساعدات شحيحة بينما غريمتها " فتح " تحقق النجاحات في مجال التنمية في الضفة ، وهي تكتسب مزيداً من الشعبية بينما شعبية " حماس " تتراجع.
وكادت المفاوضات بين السلطة وإسرائيل بعد مؤتمر أنابوليس أن تحقق أهدافها وتقرب حلم الدولتين .
فماذا تفعل " حماس " لتغيير المعادلة وتفجير الوضع وإرسال رسالة لأميركا بأنها رقم صعب لا يمكن تجاهله ، وأنه لا سلام ولا تفاوض دونها ؟! قامت بإطلاق بضعة صواريخ بهدف قطع الطريق على المفاوضات ليأتي الانتقام الإسرائيلي الرهيب ، لكن الجهود المصرية والأميركية نجحت في النهاية في التهدئة التي دخلت حيّز التنفيذ في 19 / 6 / 2008 .
جاءت هذه الاتفاقية كطوق نجاة لـ " حماس " ولكنها
ـ وبعد مرور الأشهر الستة على التهدئة ولإعتبارات بعضها داخلي يتعلق برفض الفصائل للتهدئة ومهاجمتها لـ " حماس " لقبولها الهدنة وبعضها خارجي يتعلق بالداعم الإيراني ـ
وجدت ألا مصلحة لها في تجديد الهدنة فقامت بالتحرش بإسرائيل واستدراجها لشن عدوانها الهمجي ، وذلك بإطلاق 22 صاروخاً على المستوطنات فور انتهاء الهدنة ، وقبيل زيارة ليفني إلى مصر قطعاً لأي إمكانية مصرية للضغط على إسرائيل بضبط النفس ، وتعجلاً لمعركة هي غير مستعدة لها ، فكان ذلك العدوان الوحشي الذي استمر ثلاثة أسابيع وذهب ضحيته أكثر من 1500 شهيد و5500 جريح غير التدمير الهائل والخسائر المقدرة بـ 2 مليار دولار.
وبدلاً من أن تعترف " حماس " بخطئها وتتحمل مسؤوليتها قامت باتهام العرب ، ووجه خالد مشعل خطابه لحكام العرب محملاً إياهم مسؤولية موت كل فلسطيني في غزة !
فالجرأة في الاتهام والقدرة على المراوغة والتهرب من المسؤولية سمات أصبحت ملازمة لقادة " حماس " .
وإلا فإننا نتساءل : هل استشرت حكام العرب يا مشعل عندما أطلقت صواريخك العبثية ؟!
وللمرء أن يدهش من استغفال " حماس " للعرب حينما سارعت إلى إعلان انتصارها بعد وقف إطلاق النار وانطلقت المسيرات احتفاء بالنصر ، وأطل هنية من مخبئه الحصين ليعلن النصر الإلهي الرباني ! .
لاعجب فقد سبقه " حزب الله " حينما أعلن انتصاره الإلهي من فوق الركام والتدمير الذي لحق بلبنان !! ما كان أغناهم عن هذا العبث .
ولكن ما أرخص دم الإنسان عند الجماعات الأيديولوجية ، فلا قيمة للبشر عندهم ، ألم يقل أحد الرموز الإسلامية : إذا كانت إسرائيل لديها القنابل الذَرّية فعندنـــــا القنابل الذُرّية ( البشرية ) ؟ ألم يقل أبومرزوق : إذا خسرنا 1500 شهيد فإن بناتنا الحرات أنجبن خلال العدوان 3500 طفل فلسطيني.
لا أهمية للخسائر البشرية ، المهم بقاء قادة " حماس " أما البشر فيمكن تعويضهم ، إنها أرحام تدفع ، حتى قال قائلهم " الإنجاب هو أقوى أسلحتنا " ! .
وللمرء أن يتساءل كما تساءل الذايدي : أهؤلاء يتحدثون عن مشروع لإنتاج الدواجن ؟! لعلنا نتذكر وقبيل الحرب العدوانية صيحات أبومازن وتوسلاته : نقول لمن يطلق الصواريخ توقفوا ، لا تعطوهم ذريعة ليدمروا البلد ، يجب وقف الصواريخ العبثية التي تؤدي إلى العذاب الجماعي.
لكن " حماس " أصمت أذنيها وتسابق عناصرها في اتهام أبومازن بالخيانة ، حتى قال قائلهم : دعني أدخل به الجنة ! وصرح الزهار ومن دون أي خجل : لو انسحبت إسرائيل من الضفه فإن " حماس " ستحتلها ، فهم يفضلونها بيد إسرائيل على تحريرها بيد عباس.
هكذا وصل اللدد في العداوة والبغضاء !
لكن كل ذلك تاريخ مضى وانطوى ، و " حماس " اليوم تقبل كل ما كانت ترفضه بالأمس ، فـ " حماس " اليوم ( حاكمة ) هي غير " حماس " بالأمس ( المقاومة ) ، و " حماس " اليوم تسعى بكل همة للتفاوض وهي تبرره سياسياً وشرعياً .
فقال مفتيها " يونس الأسطل " في رده على مفتي الجهاد الذي حرم التفاوض : ما الذي يمنع محاورة إسرائيل ؟! ليست المشكلة في الحوار ، المشكلة فيمن يحاور ، السلطة الفلسطينية ليست عندها حصانة إيمانية ولا وطنية !! معنى ذلك أن " حماس " لا ترفض التفاوض مع إسرائيل لكنها تريد أن تكون هي المفاوض باسم الفلسطينيين.
وكان مشعل قد صرح لصحيفة أميركية بقبوله دولة فلسطينية بحدود 1967 .
ومنذ أيام قال عباس إن عناصر من " حماس " فاوضت سراً في جنيف شخصيات غربية وأميركية حول دولة موقته وعبر هدنة 15 سنة ، وسواء صح ذلك أو لم يصح فالسؤال : أين ميثاقك الداعي يا " حماس " إلى محو إسرائيل عبر سبيل الجهاد لا غير ؟!
" حماس " التي كانت في الماضي تنشط في إطلاق الصواريخ وإرسال الانتحاريين هي التي تنشط اليوم في منع الفصائل الفلسطينية من إطلاق الصواريخ بالقوة وتفتش عنها في كل زاوية في القطاع .
حتى أن ( يادين ) رئيس شعبة المخابرات الإسرائيلية صرح بأن الهدوء الأمني الذي تعيشه إسرائيل في السنة الأخيرة يرجع إلى أن " حزب الله " يضمن هذا الهدوء في الشـــــمال و " حماس " تقوم بضمان هذا الأمن في الجنوب ، إذ تمنع إطلاق الصواريخ بالقوة.
" حماس " التي كانت تهاجم عباس لمطالبته بعدم إطلاق الصواريخ هي التي تصرح اليوم وعلى لسان وزير خارجيتها أنها أوقفت إطلاق الصواريخ بالتوافق مع الفصائل ! .
والحقيقة أن " حماس " خاضت حرباً شرسة لإرغام الفصائل على التقيد بأوامرها ، ولم تتردد لحظة في البطش بجماعة جند أنصار الله ، وزعيمها الذي تحدى " حماس " وأعلن قيام الإمارة الإسلامية لتحرير فلسطين التاريخية كاملة ، ورفض التوقف عن إطلاق الصواريخ وتحصن بمنزله ، لم تتورع " حماس " من نسف منزله المكون من 4 طوابق بكل من فيه.
" حماس " اليوم أصبحت الحاكمة والمهيمنة علــــى القطاع و ( منطق الحكم ) غير منطق ( المقاومة ) .
ومن لا يدرك ذلك أو ما زال يتشكك في هذا الأمر فإنما يعيش في أوهام المقاومة ، وهو إما أن يكون ساذجاً وإما متحزباً وإما حالماً .
لقد استطاعت " حماس " تقليم أظافر كل فصائل المقاومة التي كانت تنازعها الســـلطة .
و " حماس " ( الحاكمة اليوم ) تريد أن تبعث رسالة إلى أميركا وتقول : دعكم من السلطة ومن عباس فأنا الطرف الفلسطيني الأقدر والأضمن ، فهل نقول وداعاً لسلاح المقاومة ووداعاً لصواريخها ؟! .
بطبيعة الحال نحن مع منع إطلاق الصواريخ العبثية التي كان ضررها أكبر من نفعها ، وقد جرت الخراب والدمار والمعاناة لسكان غزة .
لكن سؤالنا لـ " حماس " : إذا كنتم اليوم قد أصبحتم تفاوضون إسرائيل وتقبلون بدولة مؤقتة وتمنعون إطلاق الصواريخ ، ففيم تخوينكم لعباس ؟! ولمَ عداؤكم للسلطة ؟ وفيم رفضكم للمصالحة ؟! .